التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السيدة العذراء في الكنيسة القبطية 04

 تحدثنا في الأعداد السابقة عن السيدة العذراء في الكنيسة القبطية ولكن في هذه المرة سنتحدث عن فضيلة من فضائل السيدة العذراء و أولى هذه الفضائل هو الإتضاع فكان الاتضاع شرطًا أساسيًا لمن يولد منها رب المجد.

كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة، تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها... مجد حلول الروح القدس فيها... ومجد ميلاد الرب منها، ومجد جميع الأجيال التي تطوبها واتضاع أليصابات أمامها قائلة لها "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىّ.." (لو1: 48، 43). كما تحتمل كل ظهورات الملائكة، وسجود المجوس أمام ابنها. والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر، بل نور هذا الابن في حضنها. فإتضاع إحتمال المجد أصعب بكثير من إحتمال الهوان و هو ذات المبدأ الذي قد إهتم القديس مقاريوس الكبير بتعليمه لتلاميذه فنجد في بستان الرهبان القصة الشهيرة للقديس أبو مقار عندما طلب من تلميذه أن يذهب ليمتدح الأموات و في اليوم التالي أمره بأن يذهب ليسبهم. فكانت السيدة العذراء في إتضاعها كالأموات تحتمل المجد والهوان بشكر. لذلك كان "ملء الزمان" (غل4: 4) ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها.

وقد ظهر الاتضاع في حياتها كما سنرى:

بشرها الملاك بأنها ستصير أمًا للرب، ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو1: 38) أي عبدته وجاريته. والمجد الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقًا من تواضعها.

بل أنه من أجل هذا التواضع، منحها الله هذا المجد، إذ "نظر إلى اتضاع أمته" فصنع بها عجائب (لو1: 48، 49).

كما ظهر اتضاع العذراء أيضًا في ذهابها إلى أليصابات لكيما تخدمها في فترة حبلها. فما أن سمعت أنها حُبلى- وهي في الشهر السادس- حتى سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال. وبقيت عندها ثلاثة أشهر، حتى تمت أيامها لتلد (لو39: 1- 65). فعلت ذلك وهي حبلى برب المجد. وكما نعلم جميعا أصعب نوعين من الحمل هما حمل انسانة كبيرة في السن "اليصابات" والشهور الأولى في حمل بنت صغيرة في السن "السيدة العذراء" ولكنها تركت مجهودها جانبا ووضعت نصب أعينها فرحة أليصابات بمولودها ولا سيما أن أليصابات كانت عاقرا.

ومن اتضاعها أيضا عدم حديثها عن أمجاد التجسد الإلهي.

بل و الأكثر من هذا عندما كانت مدعوة إلى عرس قانا الجليل.  " وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلًا، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. وَبَعْدَ هذَا انْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، هُوَ وَأُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَتَلاَمِيذُهُ، وَأَقَامُوا هُنَاكَ أَيَّامًا لَيْسَتْ كَثِيرَةً" فهي كانت مدعوة ومع ذلك لم تجلس في المتكأ مع المدعويين بل كانت جالسة مع الغلمان الخدم حتى أنها عرفت بفروغ الخمر قبل معرفة المدعويين بهذا الأمر.

و إنشاء الرب وعشنا نستكمل المرة القادمة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مديح يا إبنة داود كم من كان قديم - من نظم ابو السعد الأبوتيجي

  يا ابنة داود ‪ .‬كم من كان قديم ‪.‬‬  ‫جاء بشر بورود ‪ .‬ابنك فى العالم‪.‬‬  ‫كم من كان موجود‪ .‬فى حبك هايم‪.‬‬‫كم امثال كم اقوال‪ .‬ونبوات ‬‫موصوفى ‫يا بابا مقفول ‪ .‬رآه حزقيال‪ .‬فى‬‫المشرق مشمول‪ .‬بالنور المتعال‪.‬‬‫قال عذراء وبتول‪ .‬فى عقب‬‫الاجيال‪ .‬ستضع من خضعت‪ .‬له‬‫ربوات والوف.‬ ‫يا تابوت العهد‪ .‬بالذهب المطلى‪.‬‬‫مدحك مثل الشهد‪ .‬واصناف‬‫العسلى‪.‬‬‫وبك ابليس انهد‪ .‬من بعد الحيلي‪.‬‬‫وبك اطمئنينا‪ .‬من بعد الخوف  ‫يا جبل الله سر‪ .‬بيسوع سيدنا‪.‬‬‫وولدتيه وظهر‪ .‬من ابليس عتقنا‪.‬‬‫من غير زرع بشر‪ .‬حتى خلصنا‪.‬‬‫وتألم سيدنا‪ .‬عن شعبه يوفي  ‫يا حق العنبر‪ .‬رائحه طيبه فاح‪.‬‬‫سيدنا دبر‪ .‬وحملتيه بافراح‪.‬‬‫وولدتيه وظهر‪ .‬نجمه فى‬‫الاصباح‪ .‬ووضع فى مذود‪ .‬بخرق ‫ملفوفي ‫يا خشبا لا يسوس‪ .‬وقبلتي‬‫البشرى‪ .‬وحملتى القدوس‪ .‬وانت‬‫هى عذرا‪.‬‬‫ورجعنا الفردوس‪ .‬بابنك دفعة‬‫أخرى‪.‬وبك اطمأنينا‪ .‬من بعد‬ ‫الخوفي‬  ‫يا ذخر الملة‪ .‬واصحاب الترتيل‪.‬‬‫نظروك مشتمله‪ .‬بشموس وتهليل‪.‬‬‫وكواكب جمله‪ .‬فوق رأسك اكليل‪.‬‬‫من يقدر ينطق‪ .‬او يسمع‬...

أبو السعد الأبوتيجي - مؤلف المدائح العربية الساحر التائب

  ابو السعد الأبوتيجي " الساحر التائب " من مركز أبو تيج " أسيوط "  عاش في القرن 17 الميلادي كان ساحراً جباراً عالماً بأسرار السحر و خفاياه ، حتي أنه في أحد المرات أراد أن يظهر للبطريرك جبروته وقوته فأمر الشياطين أن يصعدوا به " أبو السعد " إلي السماء فأطاعوه حتي وصلوا به إلي مكان لم يستطيعوا الصعود بعده و هم يحملونه فتركوه يسقط و فيما هو في طريقه إلي الأرض إذ بالسيدة العذراء قد حضرت و حملته و أنزلته سليماً إلي الأرض حتي أنه أعلن أنه سيتوب و لن يرجع للسحر مرة آخري .! بعد ذلك عدل عن رأيه و رجع لممارسة السحر مرة أخري فأصيب بالشلل! وفي أحد المرات ظهرت له السيدة العذراء مرة أخري في حلم و أعلمته أنه سيشفي إذ ما ترك كتب السحر وأمن بالسيد المسيح له المجد فلما إستيقظ إستدعي إبنه و أمره أن يلقي بكتب السحر في البحر لأنه لم يكن يستطيع الحركة ، فأخذ إبنه بعضها وألقاها و ترك البعض الآخر ولما عاد ووجد أبو السعد أنه لم يشفي علم أن إبنه لم يلقيها كلها فأمره أن يذهب ويلقي بما تبقي في البحر فلما ألقاها هاج البحر و حدث به غليان شديد حتي أنه خرج علي الشاطىء!! بعد ذلك تم شفائه و...

مديح يا مريم انا عبدك - من نظم فضل الله الإبياري- على ثيؤطوكية الثلاثاء

يا مريم أنا عبدك، موسوم باسم ولدك، غيثيني بوعدك، وبحقك توفيني. يا مريم بحياتك، وحسن طهارتك، وديني بصلاتك، في موضع يرضيني. يا مريم تاج رأسي، يا عزي بين ناسي، مدحك بين جلاسي، كزلال ماء يرويني. يا مريم جار حملي، من فوق رأسي وعلى، لكن ما خاب أملي، فيك يا عمدة ديني. يا مريم حان وقتي، وتدانت مسألتي، مثلي كم خلصتي، عسى لا تنسيني. يا مريم خاف قلبي، من ثقل حمول ذنبي، لكن أرجوك حسبي، وبصلاتك نجيني. يا مريم دهرى فات، وأنا تائه في غفلات، وابليس حسن لي الآفات، وحلاها في عيني. يا مريم رأيت شغله، كأنه شهد بعسله، وبلغ في أمله، وأنا ما خاب يقيني. يا مريم زاد همي، من فوق رأسى وعلى، ورجعت إلى الندم، هل ندمي يحييني. يا مريم سرك بان، والمخفي صار إعلان، وسكن فيك الديان، وعتقت المسكين. يا مريم شيبي لاح، وزمان الغفلة راح، وانا تائه منجاح، ومن غيرك يهديني. يا مريم صرنا أحرار، بك يا طهر الأطهار، وفزنا من حر النار، حديده تكويني. يا مريم ظني فيك، بشفاعة عند ابنك، طول عمري وأنا مسترجيك، عند يسوع توفيني. <script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-82162088...